السبت، 19 مارس 2016

مذكرات قديمة

وكأنَّ الرب أرسلكِ من أحلامي , استيقظتُ ووجدتكِ حقيقة , ما عُدتِ خيالاً بعدَ اليوم , وكأنَّ صلاتي له أفلحت ولأولِ مرة يستجيبُ الرب لي .
ها أنتِ تتقدمينَ نحوي بخطواتٍ واثقة , خجولة , وإستوليتِ بليلةٍ واحدة على كل جوارحي وجرحتِ وجداني!

وكأنكِ من السماء , أنثى كأنتِ لا يمكن أن تكون من هذهِ الأرض البسيطة , فتفاصيلك السماوية تسحرُني مع كل إطلالةٍ لكِ , سماوية بكل صفاتك , بحرير شعرك , ببريق عينيكِ , بتكور نهديكِ , بلذيذ شفتيكِ , بالخجل المرتسم بصوتك وقلبك النابض ياسميناً وتوليب , حتى بحزنكِ وفرحك وغضبكِ الجميل .
أنثى كأنتِ تعدت مراحل الأنوثة وإكتسبت بكل ما تملكه صفات الألوهية , يا إله الياسمينِ أنتِ .
تماماً كالياسمين , بعبيره وبياضه الناصع , منتشية بحبات الندى صباحاً فتزدادينَ جمالاً مع كل إشراقة شمس .

كيف لا أحبك ؟ يا ليلكتي.. وأنتِ الوطن المسلوب الذي كنتُ أبحث عنه طوال حياتي , وأنتِ شط الأمان وحوريةُ الأحلام .

ليث طوالبه

الثلاثاء، 1 مارس 2016

محاولات للنسيان لا أكثر !

في كلِّ مرة ينتصر الحنين .. الحنين وحده من يملك السلاح الأمثل لإنتشالك من أي لحظةٍ كنت تظنها أنها جميلة لكن قوة الحنين تكمن بإسترجاع الجزء المثالي من الرواية , يتغاضى عن كل ما قد يجعل عقلك يعمل لتقرر وتفصل ما بينَ الحقيقة والحلم والواقع والخيال!

وحده الحنين من يجعل من تلك الذكريات والتفاصيل الصغيرة العالقة في قاع ذاكرتك من أن تطفو إلى السطح من جديد , فتبقى أسير الحنين , لا مفر منه يحاصرك , يحاصر أيامك , يحاصر أحلامك , يشربُ معكَ قهوة الصباح , وينشد معَكَ أغاني فيروز , ويرافقك إلى العمل , السوق والمقهى , يتمسك بكَ عندما تمشي وحيداُ في الشارع ليلاً , يشدك بقوةٍ للخلف يتشبث بكَ ولا يفلتك أبداً , يهوى تعذيبك بكم الذكريات الهائل الذي يؤدي بعقلك للضياع وينسابُ كسُمٍّ في دمك , بجري بعروقك ليصلِ قلبك فيزدادُ ضجيجُ خفقانِ قلبك فتذهبُ متعباًُ مسرعاً هارباً منهُ للسرير , فتجدهُ قد سبقك يتلحف بعباءةِ الحاضر وهوَ من الماضي , يضيقُ عليكَ السرير لكن ومع الوقت تعتاد على وجوده , لا مفرَّ الآنَ الا النوم فهوَ الهروب من اللاشيء والاختباءُ من السراب , تشعِلُ سيجارةً يشاركك الحنين نفثها وتنام وتحلُم علَّ الحلم هوَ المكان الآمن الوحيد الذي تكونُ فيه بعزلةٍ عن الماضي  !

ليث طوالبه

الأحد، 31 يناير 2016

تحت الشمسية بلا وعد


(قصة حقيقية وجميع الأشخاص حقيقيين)

لربما هو عنوان غريب لأبدأ به الحديث عن قصة من الماضي، لكن هذه الأغنية هي أغنية تخرجي من الروضة!

كانت المصادفة أن يكون اسمها ليلى! لربما سبب تذكري هذه القصة هو بيت شعر لمجنون ليلى "عشقتك يا ليلى وأنت صغيرة وأنا ابن سبع ما بلغت الثمانيا " فتذكرت ليلى التي أحببتها وأنا لم أبلغ السابعة وليس الثمانية أيضاً!!

كانت ليلى إبنة أبو حامد الحمصاني، كان يملك مطعماً مقابل مسرح وحديقة البلدية في المفرق بجانب مدرستي وروضتي "مطرانية الروم الكاثوليك".

ليلى لم تكن كأي فتاة عادية لا أدري ما كان ينتابني عند مرآها فطفل لم يتجاوز السادسة لم يكن له أي خبرات في التعامل مع أي أنثى كانت!  صغير جداً على الحب وعلى إحساس الإعجاب والخجل من الجنس الآخر!
لكني كنت أختلف تماماً عن كل طفلٍ حولي، لم تكن ألعاب الأطفال تغريني ولا أتذكر اني كنت أنزل الشارع لألعب مع أصدقائي من عمري، كنت أجلس في حديقة جارتنا "أم نادر" مع أمي ونساء الحارة وهن يشربن فنجان القهوة مساءاً وصوت عبدالوهاب يطربهن، ثم تبدأ أم نادر بفتح الفناجين لكل جارة وأنا أصاب بالقشعريرة وقتها، كنت أحس أم نادر وكأنها إله يعلم الغيب وما سيحدث، كنت اناظرها وأدقق بكل كلمة تقولها لهن وأسبح بخيالي مع الإله أم نادر.

تلك الجلسات ما كانت تجذبني، فإحساسي بالإختلاف عن كل من هو بعمري كان يجعلني أبتعد عن كل الأطفال بعمري.

ليلى كانت فتاة سورية، كانت تسحرني جدائلها الشقراء، ضحكتها وابتسامتها وفستانها الوردي الجميل الأنيق، كانت ليلى أول فتاة دخلت قلبي وأنا طفل!

اهتماماتي كانت مختلفة جداً جداً، وكنت أبحث عن كل شيء جديد فقد كنت أحب إكتشاف كل ما هو جديد، ففي أحد الأيام وقع بين يدي إحدى دواوين نزار قباني الذي يعود ملكيته لأخي الذي يكبرني ثلاثة عشر عاماً، ما زلت أتذكر الخوف والرعب الذي إعتلاني عند قراءة اول صفحة من الديوان، وكأنني أقرأ ملفات سرية أو وثائق عسكرية، كنت أجلس تحت المكتب وأجلس أقرأ بإستمتاع.

حبي لنزار بدأ من الصغر، لربما هذا هو سبب طغيان بعض "النزارية" على كتاباتي وحروفي الآن، ولربما هو سبب عشقي للأنثى، فأول أنثى رسمتها بخيالاتي كانت من دواوين نزار وأول حب عشته كان من بين كلمات نزار.

ليلى كانت تسحرني في كل يوم أرتاد فيه روضتي، كنت أحب الدراسة كي لا تخجلني معلمتي ولا أعرف الجواب مثلاً او أقع بموقف مضحك!

لكن كل قصة وحتى لو كانت بسيطة تُخلق المعوقات، فـ عبدالله "القبضاي" كان في المرصاد، كان يحذر كل طلاب المدرسة من الإقتراب من ليلى.

كنت أخاف من الإفصاح عن أي شيء، فنظرات غير متبادلة كانت تحتاج كياني، ليلى خرجت ليلى دخلت ليلى تأكل ليلى تتمشى في الساحة خلف المعلمات بجانب الكنيسة، كنت اتعذب من صغري!

إلى أن أتى اليوم الذي قال لي عبدالله انه يريد تقبيل ليلى،  عندها ارتجفت لا اعلم من ماذا لكن ربما خوفاً من عبدالله أن ألقاه خلف وقت الدوام ويضربني، لكني قلت له "ماشي " فجلسنا على ابواب الملجأ تحت الكنيسة ورسمنا خطة محكمة، وقتها كانت ليلى وصديقتها تتمشيان خلف المعلمات في وقت الاستراحة، وذهب عبدالله ونجحت الخطة وقبل ليلى وكانت نهايتي.

مرت الأيام والنظرات ما زالت موجودة إلى أن أتى ذلك اليوم الذي تخرجنا فيه من الروضة، كان هنالك بروفات لحفلة التخرج على مسرح المدرسة، وكانت فقرتي أن أقف بجانب إحدى الفتيات ماسكاً مظلة مرتدياً زياً رسمي والفتاة ترتدي فستاناً ابيضاً وكأنها عروسي نرقص سويةً على أنغام "تحت الشمسية بلا وعد"!
بدأت المعلمة البروفا بتوزيع الأدوار مَن مِن الفتيات سيرقص مع مَن مِن الصبيان، عندها اغمضت عيناي متوسلاً الله وقتها أن تكون ليلى من نصيبي، قرأت المعلمة اسمها "ليلى" فضج قلبي ثم تلاه اسم "عبدالله" فصفعت من قبلها، حتى جاء دوري وكانت عروسي احدى الفتيات الأخريات، كانت عروسي معروفة في الروضة بأنها الفتاة التي "تبول" على ملابسها في كل يوم، فكانت ضحكات الأطفال من حولي مؤلمة.

اتذكر اني دخلت بيتي باكياً لا أريد تلك الفتاة بل أريد ليلى، حتى شفقت أمي علي وذهبنا سويةً إلى بيت معلمتي التي كانت تسكن بجانبنا كي تقوم بتغيير فقرتي من الحفل.

ذهبت في اليوم التالي للحفل وانا لا اعلم ما هو دوري، حتى قالت لي المعلمة "فقرتك الرياضة اذهب على المسرح وتشقلب"

هكذا كان دوري من اغنية حلمت ان اشارك ليلى بالرقص على انغامها الى بضع حركات بلا معنى على المسرح.

انتهى الحفل وذهبت ليلى، وتذكرتها اليوم ولا اعلم اين مكانها الآن، لربما تزوجت وتملك طفلةً بجدائلٍ شقراء كجدائل أمها، وربما ماتت وربما دخلت بعلاقة مع عبدالله وانفصلا وما زالت تحاول الخروج من ألم الفراق..  لربما لربما لربما.... !!

السبت، 28 نوفمبر 2015

الستيانة!

يذهب البعض إلى أن فكرتنا الأولى عن الجمال تنبعث من الألوان، فالألوان الزاهية بنظرهم هي أول ما يلفت نظر الطفل ويوقع في نفسه البهجه، وحتى الكبار أيضاً وتباين الثقافة فيما بينهم ينتج عنه تباين في الإنجذاب للألوان المتعددة ما بين الألوان القوية والألوان الهادئة والمتناغمة.

لنرجع قليلاً إلى تلك الألوان الزاهية ومزيج الألوان المفرحة التي تبهج الطفل، فذلك التباين في الألوان لطفلِ لم يتجاوز العاشرة من عمره لم أكن لأجده إلا في محلات الملابس الداخلية (اللانجري) الشعبية في وسط المدينة، فألوان (الستيانات) الزاهية المرتبة بشكل أنيق ولطيف كانت تشدني وتشد روحي إليها وملامح الفرح ترتسم دون سابق إنذار على ملامح وجهي -البريئة وقتها -.

في تلك الألوان كنت أجد الخير والسلام والراحة والطمأنينة، كنت أهرب من ملامح اللون الأسود الداكن الى الفرح والالوان والابتسامة والبهجة ولم أكن لأجد هذا التنوع الكبير من الألوان إلا في تلك (الستيانات) التي وللآن كلما رأيتها على نفس الشكل بالترتيب في إحدى المحلات تذكرت ما كانت تصنع في روح الطفل (ليث) من سعادة لا توصف، فأبتسم من جديد وأشكر كل ستيانة ذات لون جميل أسعدتني يوماً رغم الحزن والعزلة!

الخميس، 6 أغسطس 2015

قصة .. 5 - ما الذي شدَّني إليها ؟

كنتُ أظن بأن حبي لها هو مجرد حب عابر , أو مجرد فتاة اخرى تأتي لتشرب فنجان قهوتها وتخرج دونما وداع , كنت أظنه  علاقة لتنسيها ماضٍ ما زالت آثاره عالقة في ذاكرتها , أو لنسيان واقع روتيني ممل تماماً ككل الفتيات اللواتي دخلنَ حياتي سابقاً وخرجنَ بعدَ أن إكتفين .

لكنها قلبت كياني , دمَّرت حصوني ودفاعات قلبي , وكأنها عبوة ناسفة قضت على كل حارسٍ متواجد على أبواب قلبي , كسدٍّ قلبي إنهار أمام أمواجها العاتية وقوة اندفاعها فدمَّرت كل الأشجار والحقول معلنةً قيام مملكتها الخاصة .

هيَ ليست بفتاة عادية , هيَ ما تمنيت وأكثر , جاء طولها كما تمنيت وأجمل , طول شعرها كما تمنيت وأطول , عيناها كما رسمتهما وأعمق , شفتاها كما تخيلتهما وألذ , ويداها أنعم من ما حلمت وأحن .

هيَ سهلة الوصول والمستحيلة , الواقع والخيال , الصحو والحلم , القوية والضعيفة , الرائعة التكوين .

أمتلأت القلوب بالحُب منذُ أولِ لقاءٍ بيننا جمعنا وهيَ تعمِّدُ إبنتها في تلكَ الكنيسة , أحسستُ بأنها المنشودة دونَ كلامٍ يُنطق أو حتى نظراتٍ مُتبادلة , ثم حَصَلَ اللقاء وحصلَ تبادل الحديث وهنا روايةٌ أخرى .

حدثتها عن الحب والسياسة عن الوطن وعن الغربة , عن الألم والوحدة , حدثتها عن عائلتي وعن عملي عن روتيني المُمل وعن ما أحدثت لي من تغييرات بعدَ دخولها قلبي .

حدثتها عن التاريخ.. تاريخنا المزيف , عن الجغرافيا المسلوبة , حدثتها عن الماضي والمستقبل , حدثتها عن كم الحب الذي ينساب في عروقي .

**** للحديث بقية ****

السبت، 13 يونيو 2015

قصة .. 4 - مقهى في وسط البلد

ويسألني عندما أَدخلُ المقهى : " كم شخض ؟ " أناظرُ حولي وأجيب : وحدي ، أنا وحُزني ومجموعة أوراقي القديمة ودُخان سجائري وضجري .
ضجري من هذا العالم الكئيب الحزين ، ضجري من وحدتي ومن ألمٍ في خافقي ، ضجري من نفسي فدُخانُ سجائري ضجر مني هوَ الآخر . 

حاولتُ التغيير قليلاً فطلبتُ الشاي بدل القهوة لعلِّي أغير من طابع عزلتي  قليلاً ، فوجدتُ نفسي تائهاً غريباً عن نفسي ، أضع قطعة السكر في كأس الشاي وأبدأ التحريك .. وأستمر .. وأستمر .. دونما توقف ، وكأني دخلتُ في دوامة الشاي والملعقة ! 

لم أستطع أن أكمل هذه المهزلة فالشاي لي مهزلة ! ، "فلتأتني بقهوتي" صرخت عالياً بغضب .

قهوتي .. تلك السوداء المُرَّة تماماً كواقعي ، لربما هذا هو سبب حبي لها ، فهي تشاركني باللون والطعم ، أرتشف منها قليلاً وأرجع خطوةً للخلف ، خطوة للماضي ، خطوة لألم في قلبي ، وحدها القهوة القادرة على تعكير صفو مزاجي ، وبالرغم من هذا فأنا أُحبها . 

استيقظتُ صباحاً في هذا اليوم ، وصلتني منها رسالة صباحيَّة جعلتني أبتسم بعفوية .
عفويتي معها وصدقي في كل كلمة أقولها أمامها مما يجعلني براحة تامة ، لا تعقيد ولا تفكير متعب ولا تكبُّر ولا كذب ولا أي شكل من أشكال الخداع فقط العفوية .

عناق روحي لروحها وتداخل الروحين ما جعلَ قلبي ينبض بتوافقٍ مع نبضها الرقيق ، فكياننا واحد في الفردوس الأعلى الذي حملتني اليه بكل ما فيها .

ذهبت وذهَبَ قلبي يركضُ لاهثاً خلفها  ، دونما لهفة منها أو رغبة لتواجدي ، سترجع في المساء ككل ليلة ، أنا على علمٍ بذلك ولكن الإنتظار يقتلني .
سئمتُ الإنتظار وأوجعني وغياب لهفتها للحديث معي ، غياب الرغبة بأن نكون معاً ، أعلم أنها تُحبني فروحي لا تملُّ من إخباري بذلك برغم شُح حديثها عن ذلك . 

أضخُّها بالشعر ليلاً نهاراً والحُب في كل ثانية . أرسُمُ لها كلاماً من الياسمين ، أخترعُ لها أبجدية جديدة لتصف ولهي بها وهيامي بكيانها ، وهي كأنها لا تقرأ ، أميَّة أمام كل هذا رغم ثقافتها وعقلها . 

جلستُ أنتظر ، فلا سبيل للقائها غير الإنتظار . أٌمسك رواية لتولستوي تارة وكتاب شعر لبوشكن تارةً أُخرى علَّني أقضي الوقت المتبقي للقائها بالقراءة ، أستمع للموسيقى الشرقية فنصير شمَّه وعوده يحملني بكل ضربة وتر لعالمٍ جميل .. في العادة ، إلا اليوم ، لأنني أنتظر .

لم أدرس الفيزياء أبداً ولا أعلم طريقة إثبات النظريات الفيزيائية رياضيَّاً ولطالما كرهت الرياضيات والأرقام ، لكن قد أصبح بإستطاعتي أن أثبت تلك النظريات بالحب وليس بالرياضيات .
فالنظرية النسبية مثلاً اجد إثباتها بعقارب الساعة التي تأبى أن تلتقي وكأن الثواني ساعات والدقائق أيام والساعات أسابيع ..... 
لكن أكثر ما يخيفنني هو القانون الثالث لنيوتن الذي ينص على أنَّه " لكل فعل قوَّة رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الإتجاه" . 
فكلما رغبتك أكثر رأيت منكِ الضد ، وكلما أحببتُك أكثر زاد كرهكِ لي ، وكلما أقتربت أكثر زاد إبتعادك عني وزادت المسافة بيننا ، هل من الممكن ؟! فالحب قوًَّة هو اللآخر ؟ّ وليسَ بأي قوة .

لم تمر إلا دقائق وأنا أقرأ وإذ بي أضجر ، وليست عادتي أن أضجر من قراءة اي كتاب مهما كان محتواه .

نظرتُ من نافذتي للسماء ورغم عدم إيماني بالقدر ، إلَّا أنني رجوت السماء أن تكون هيّ قدري ، وتُرسل إليَّ بمعجزة ما ، فأنا الآن اطرق كل الأبواب وأحاول كل السبل للقائك .

تعريت تماماً من كل ملابسي ورميت نفسي تحت الماء لدقائق ، أرتديت أجمل ملابسي ووضعت أجمل عطوري ، وحملتُ مجموعة أوراقي وقلمي وسجائري وخرجت .

وها أنا أكتب الآن هذه الخاطرة في المقهى وحدي ، أنا وقهوتي وسجائري ، وطلبت فنجانين من القهوة واحدٌ لي وآخرَ لروحك الحاضرةَ في المكان ، لروحك التي تجلس أمامي في هذهِ اللحظة ، حتى أن تلك المرأة التي امامي شَعَرَت بعدم الإرتياح من نظراتي فهي تحسبني أناظرها ، لكنها لا تدري أني أناظر روحك التي تقابلني وتشرب القهوة معي .

أحبك بروحك ، بجسدك الحاضر في مكانٍ آخر ، بلهفتكِ الغائبة، وبشحبح كلام الحب تجاهي ، وبقليل رغبتك بي . 

ليث طوالبه

السبت، 16 مايو 2015

في ذكرى النكبة .. عائدون

نحنُ باقون
لا شيء يكسرنا
لا شيء يٌنسينا
لا شيء يُشفي غليلنا ولا شيء يرضينا إلا برحيلِ آخرِ صهيوني عن أرضنا

فلترحلوا ..
فلترحلوا عن غورنا , وسهولنا , وجبالنا وبحرنا ..

فلترحلوا ..
فلترحلوا عن قدسنا
عن مساجدنا
عن كنائسنا
ولتتركوا بيوتنا
وزيتوننا
وبرتقالنا
وليموننا

فلترحلوا عن أرضنا يا من هجَّرتُم أهلنا
فلترحلوا عن وطننا

فلترحلوا أنتُم وحُكَّامنا
أنتُم ومن خاننا
أنتُم وعملاؤكم
وكل من طعننا
فلترحلوا عن أرضنا

فلترحلوا عن فلسطيننا
عن حبيبتي .. عن حبيبتنا
عن قدسي .. عن عاصمتنا
فلترحلوا عن أرضنا

لا يَغُرَّنَّكُم صمتي .. صمتنا
فنحنُ نقاوم وهذا طبع شعبنا
سننزفُ دماً .. دمنا
ونزِفّ شهيداً شهيدينِ ثلاث .. نَزِفّ شهدائنا
ولن نهدأ إبداً لنستعيدَ وطننا

ولن ننسى أرضنا ..
لن ننسى أبداً ..

ليث طوالبه