الجمعة، 2 يناير 2015

قصة .. 1

أعرفُ تماماً بما يجولُ بمخيلتكِ الآن , أعرفُ أنَّكِ تجلسينَ وحيدةً خلفَ باب غرفتكِ تفكرينَ بخذلاني لَكِ ولقصة حبنا التي كانت تفاصيلها أجمل من تفاصيل فستان فرحٍ كان حلمُكِ أن ترتديه بجانبي.
ما زلتُ أذكرُ تفاصيلَ ذلك الفرح الذي كنا قد رسمناه في مخيلتنا من قائمة المدعوين ولون الأزهار وحتى الموسيقى, وأذكرُ أنه كان هنالكَ نقاش يحتد كلما فتحنا موضوعَ مكان إقامة ذلك الفرح , أنتِ أردته في عمان وأنا كنت أُصر على إقامته في إربد وكلٌ منا كانَ لهُ أسبابه الخاصة.
عبدالله, ملك , ملاك .. ليست مُجرد أسماء هيَ أطفالٌ كنا قد تعايشنا معهم يلعبون حولنا وبكائهم يملأ المكان , حتى أنني تماديت بتلك الفكرة التي كا زالت تطاردني وأذكر إني خلال سفري إلى دمشق قد إبتعتُ "بيجامة" لطفلتنا ملك وجعلتُكِ تحتفظينَ بها ليومٍ سيجمعنا سويةً.
تأتي فكرة في بالي أحياناً بمصير هؤلاء الأطفال الذينَ يتيتمونَ عند إنتهاء أي قصة حب ! ما مصيرُهُم وكيفَ ترانا نُكمِلُ الحياة دونهم وإلى أينَ هُو سيذهبون ؟ حتى أني فكرت بإنشاء موقع إلكتروني يحوي أسماء هؤلاء الأطفال الميتمين , فهُم الشاهد الوحيد على أي قصة حُبٍّ كانت .
 لم أتخيل بيومٍ من الأيام أن هنالكَ نهاية لقصتنا ولا أن هنالكَ مستقبلٌ مظلم سينتظرنا معاً.

****

أنوثتكِ صاخبة , لطالما بحتُ لكِ بهذا الإحساس الذي كانَ يعتليني في كلِ مرةٍ ألقاكِ فيها , إبتسامَتُكِ كانت تهز عرش رجولتي , وضحكتُكِ جميلة حد القتل.
همساتُكِ ليلاً على الهاتف كانت كالإعصار الذي يضرب جبال مشاعري , أصواتُ أنفاسكِ عندما تقعين بفخ النعاس ونحنُ في وسط الحديث تماماً كأنفاس طفلٍ يلتجئُ إلى حضنِ أبويه في ليالي ديسمبر الباردة.
تخيلتُكِ دائماً كقطة حائفة تتمسك بي بمخالبها وصوتُ أنفاسك يتعالى مع صوت المطر الذي يضرب بقوة زجاج النافذة التي إعتلاها الندى ونسيجُ حروفٍ خططناها معاً.
حزنُكِ هوَ الذي كانَ يبعثرني ويجعلني كالأطفالِ أبكي لإرضائك , فكيفَ أرى طفلتي المدللة حزينة بسببي , تكونينَ ودموعُكِ على خدك كياسمينةٍ منتشيةٍ بالندى صباحاً .

****

لا زلتُ أذكرُ أول لقاءٍ بيننا وكيفَ ضجَّ قلبي عندَ رؤياكِ , وكيفَ ركضتِ كطفلةٍ خائفة مني تبحثُ عن حضنِ أٌمها فرحتُ أسابقُ الزمن وضجيج خفقان قلبي وخطواتك السريعة لألحق بكِ علي أسترقُ إبتسامة خاطفة منكِ ,لكنَّ ملالمح الخوف والرهبة هيَ التي سيطرت على تفاصيل وجهك.
لم أعترف لكِ بهذا من قبل لكني أنا أيضاً كُنتُ خائفاً , ليسَ منكِ بل خوفاً من أن لا أُعجبَكِ فأنثى صاخبة الأنوثة كأنتِ كانت من أحلامي.
حاولتُ أن أزيلَ بعضاً من الخوف الذي يعتريني برسمِ إبتساماتٍ مصطنعة علَّكِ أنتِ تبتسمين , رفضتِ الجلوس في إحدى المقاهي في ذلك المكان وأستمريتِ بالمسير وأنا أسيرُ بمحاذاتِك أُعيدُ الكلمة مراراً وتكراراً في داخلي قبلَ أن أبوح بها لَكِ.
كانَ لقاءاً قصيراً جداً لم تلتقي فيهِ عينيَّ بعينيكِ إلا لثوانٍ معدودة لكنّهُ إلى الآن أجملُ لقاءٍ مررتُ بهِ بحياتي , لم أرى خافقي يتلعثمُ من قبل ولا الكلمات تأبى أن تغادرني من قبل , لم أعرف أبداً أن هنالكِ أنثى ستهز كياني بأمواج أنوثتها التي غصتُ تحتها بملئِ إرادتي .

****

لربما كانَ عدم إختلاطي مع الجنس الآخر هوَ ما دفعني للجوء لعالم الإنترنت وقتها , فلم تكن لي علاقاتٌ تُذكَر مع الجنس الآخر إلا قصة واحدة ولم يكن اللقاء فيها وجهاً لوجه بل صدفة غريبة عن طريق الهاتف.
وجدت بعالم الانترنت مكاناً أحادثُ فيه من أُريد دونَما خجل أو ضعف , كنتُ أرسمُ شخصيتي كما أريد , لا أحد يرى إنفعالاتي أن تعابير وجهي أو تعرقي خجلاً عندَ الحديثِ مع إحدى الفتيات , كانَ عالمي المناسب وقتها , لم أعلم أن ذلك العالم سيدخلني في دواماته التي ستغرقني فيها دونَ رحمة , لكني للآن أشكر الإنترنت مراراً وتكراراً على أنه كانَ الطريق لأعظم قصةِ حُبٍّ في حياتي.


للحديث بقية .. 


0 التعليقات:

إرسال تعليق