السبت، 28 نوفمبر 2015

الستيانة!

يذهب البعض إلى أن فكرتنا الأولى عن الجمال تنبعث من الألوان، فالألوان الزاهية بنظرهم هي أول ما يلفت نظر الطفل ويوقع في نفسه البهجه، وحتى الكبار أيضاً وتباين الثقافة فيما بينهم ينتج عنه تباين في الإنجذاب للألوان المتعددة ما بين الألوان القوية والألوان الهادئة والمتناغمة.

لنرجع قليلاً إلى تلك الألوان الزاهية ومزيج الألوان المفرحة التي تبهج الطفل، فذلك التباين في الألوان لطفلِ لم يتجاوز العاشرة من عمره لم أكن لأجده إلا في محلات الملابس الداخلية (اللانجري) الشعبية في وسط المدينة، فألوان (الستيانات) الزاهية المرتبة بشكل أنيق ولطيف كانت تشدني وتشد روحي إليها وملامح الفرح ترتسم دون سابق إنذار على ملامح وجهي -البريئة وقتها -.

في تلك الألوان كنت أجد الخير والسلام والراحة والطمأنينة، كنت أهرب من ملامح اللون الأسود الداكن الى الفرح والالوان والابتسامة والبهجة ولم أكن لأجد هذا التنوع الكبير من الألوان إلا في تلك (الستيانات) التي وللآن كلما رأيتها على نفس الشكل بالترتيب في إحدى المحلات تذكرت ما كانت تصنع في روح الطفل (ليث) من سعادة لا توصف، فأبتسم من جديد وأشكر كل ستيانة ذات لون جميل أسعدتني يوماً رغم الحزن والعزلة!

الخميس، 6 أغسطس 2015

قصة .. 5 - ما الذي شدَّني إليها ؟

كنتُ أظن بأن حبي لها هو مجرد حب عابر , أو مجرد فتاة اخرى تأتي لتشرب فنجان قهوتها وتخرج دونما وداع , كنت أظنه  علاقة لتنسيها ماضٍ ما زالت آثاره عالقة في ذاكرتها , أو لنسيان واقع روتيني ممل تماماً ككل الفتيات اللواتي دخلنَ حياتي سابقاً وخرجنَ بعدَ أن إكتفين .

لكنها قلبت كياني , دمَّرت حصوني ودفاعات قلبي , وكأنها عبوة ناسفة قضت على كل حارسٍ متواجد على أبواب قلبي , كسدٍّ قلبي إنهار أمام أمواجها العاتية وقوة اندفاعها فدمَّرت كل الأشجار والحقول معلنةً قيام مملكتها الخاصة .

هيَ ليست بفتاة عادية , هيَ ما تمنيت وأكثر , جاء طولها كما تمنيت وأجمل , طول شعرها كما تمنيت وأطول , عيناها كما رسمتهما وأعمق , شفتاها كما تخيلتهما وألذ , ويداها أنعم من ما حلمت وأحن .

هيَ سهلة الوصول والمستحيلة , الواقع والخيال , الصحو والحلم , القوية والضعيفة , الرائعة التكوين .

أمتلأت القلوب بالحُب منذُ أولِ لقاءٍ بيننا جمعنا وهيَ تعمِّدُ إبنتها في تلكَ الكنيسة , أحسستُ بأنها المنشودة دونَ كلامٍ يُنطق أو حتى نظراتٍ مُتبادلة , ثم حَصَلَ اللقاء وحصلَ تبادل الحديث وهنا روايةٌ أخرى .

حدثتها عن الحب والسياسة عن الوطن وعن الغربة , عن الألم والوحدة , حدثتها عن عائلتي وعن عملي عن روتيني المُمل وعن ما أحدثت لي من تغييرات بعدَ دخولها قلبي .

حدثتها عن التاريخ.. تاريخنا المزيف , عن الجغرافيا المسلوبة , حدثتها عن الماضي والمستقبل , حدثتها عن كم الحب الذي ينساب في عروقي .

**** للحديث بقية ****

السبت، 13 يونيو 2015

قصة .. 4 - مقهى في وسط البلد

ويسألني عندما أَدخلُ المقهى : " كم شخض ؟ " أناظرُ حولي وأجيب : وحدي ، أنا وحُزني ومجموعة أوراقي القديمة ودُخان سجائري وضجري .
ضجري من هذا العالم الكئيب الحزين ، ضجري من وحدتي ومن ألمٍ في خافقي ، ضجري من نفسي فدُخانُ سجائري ضجر مني هوَ الآخر . 

حاولتُ التغيير قليلاً فطلبتُ الشاي بدل القهوة لعلِّي أغير من طابع عزلتي  قليلاً ، فوجدتُ نفسي تائهاً غريباً عن نفسي ، أضع قطعة السكر في كأس الشاي وأبدأ التحريك .. وأستمر .. وأستمر .. دونما توقف ، وكأني دخلتُ في دوامة الشاي والملعقة ! 

لم أستطع أن أكمل هذه المهزلة فالشاي لي مهزلة ! ، "فلتأتني بقهوتي" صرخت عالياً بغضب .

قهوتي .. تلك السوداء المُرَّة تماماً كواقعي ، لربما هذا هو سبب حبي لها ، فهي تشاركني باللون والطعم ، أرتشف منها قليلاً وأرجع خطوةً للخلف ، خطوة للماضي ، خطوة لألم في قلبي ، وحدها القهوة القادرة على تعكير صفو مزاجي ، وبالرغم من هذا فأنا أُحبها . 

استيقظتُ صباحاً في هذا اليوم ، وصلتني منها رسالة صباحيَّة جعلتني أبتسم بعفوية .
عفويتي معها وصدقي في كل كلمة أقولها أمامها مما يجعلني براحة تامة ، لا تعقيد ولا تفكير متعب ولا تكبُّر ولا كذب ولا أي شكل من أشكال الخداع فقط العفوية .

عناق روحي لروحها وتداخل الروحين ما جعلَ قلبي ينبض بتوافقٍ مع نبضها الرقيق ، فكياننا واحد في الفردوس الأعلى الذي حملتني اليه بكل ما فيها .

ذهبت وذهَبَ قلبي يركضُ لاهثاً خلفها  ، دونما لهفة منها أو رغبة لتواجدي ، سترجع في المساء ككل ليلة ، أنا على علمٍ بذلك ولكن الإنتظار يقتلني .
سئمتُ الإنتظار وأوجعني وغياب لهفتها للحديث معي ، غياب الرغبة بأن نكون معاً ، أعلم أنها تُحبني فروحي لا تملُّ من إخباري بذلك برغم شُح حديثها عن ذلك . 

أضخُّها بالشعر ليلاً نهاراً والحُب في كل ثانية . أرسُمُ لها كلاماً من الياسمين ، أخترعُ لها أبجدية جديدة لتصف ولهي بها وهيامي بكيانها ، وهي كأنها لا تقرأ ، أميَّة أمام كل هذا رغم ثقافتها وعقلها . 

جلستُ أنتظر ، فلا سبيل للقائها غير الإنتظار . أٌمسك رواية لتولستوي تارة وكتاب شعر لبوشكن تارةً أُخرى علَّني أقضي الوقت المتبقي للقائها بالقراءة ، أستمع للموسيقى الشرقية فنصير شمَّه وعوده يحملني بكل ضربة وتر لعالمٍ جميل .. في العادة ، إلا اليوم ، لأنني أنتظر .

لم أدرس الفيزياء أبداً ولا أعلم طريقة إثبات النظريات الفيزيائية رياضيَّاً ولطالما كرهت الرياضيات والأرقام ، لكن قد أصبح بإستطاعتي أن أثبت تلك النظريات بالحب وليس بالرياضيات .
فالنظرية النسبية مثلاً اجد إثباتها بعقارب الساعة التي تأبى أن تلتقي وكأن الثواني ساعات والدقائق أيام والساعات أسابيع ..... 
لكن أكثر ما يخيفنني هو القانون الثالث لنيوتن الذي ينص على أنَّه " لكل فعل قوَّة رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الإتجاه" . 
فكلما رغبتك أكثر رأيت منكِ الضد ، وكلما أحببتُك أكثر زاد كرهكِ لي ، وكلما أقتربت أكثر زاد إبتعادك عني وزادت المسافة بيننا ، هل من الممكن ؟! فالحب قوًَّة هو اللآخر ؟ّ وليسَ بأي قوة .

لم تمر إلا دقائق وأنا أقرأ وإذ بي أضجر ، وليست عادتي أن أضجر من قراءة اي كتاب مهما كان محتواه .

نظرتُ من نافذتي للسماء ورغم عدم إيماني بالقدر ، إلَّا أنني رجوت السماء أن تكون هيّ قدري ، وتُرسل إليَّ بمعجزة ما ، فأنا الآن اطرق كل الأبواب وأحاول كل السبل للقائك .

تعريت تماماً من كل ملابسي ورميت نفسي تحت الماء لدقائق ، أرتديت أجمل ملابسي ووضعت أجمل عطوري ، وحملتُ مجموعة أوراقي وقلمي وسجائري وخرجت .

وها أنا أكتب الآن هذه الخاطرة في المقهى وحدي ، أنا وقهوتي وسجائري ، وطلبت فنجانين من القهوة واحدٌ لي وآخرَ لروحك الحاضرةَ في المكان ، لروحك التي تجلس أمامي في هذهِ اللحظة ، حتى أن تلك المرأة التي امامي شَعَرَت بعدم الإرتياح من نظراتي فهي تحسبني أناظرها ، لكنها لا تدري أني أناظر روحك التي تقابلني وتشرب القهوة معي .

أحبك بروحك ، بجسدك الحاضر في مكانٍ آخر ، بلهفتكِ الغائبة، وبشحبح كلام الحب تجاهي ، وبقليل رغبتك بي . 

ليث طوالبه

السبت، 16 مايو 2015

في ذكرى النكبة .. عائدون

نحنُ باقون
لا شيء يكسرنا
لا شيء يٌنسينا
لا شيء يُشفي غليلنا ولا شيء يرضينا إلا برحيلِ آخرِ صهيوني عن أرضنا

فلترحلوا ..
فلترحلوا عن غورنا , وسهولنا , وجبالنا وبحرنا ..

فلترحلوا ..
فلترحلوا عن قدسنا
عن مساجدنا
عن كنائسنا
ولتتركوا بيوتنا
وزيتوننا
وبرتقالنا
وليموننا

فلترحلوا عن أرضنا يا من هجَّرتُم أهلنا
فلترحلوا عن وطننا

فلترحلوا أنتُم وحُكَّامنا
أنتُم ومن خاننا
أنتُم وعملاؤكم
وكل من طعننا
فلترحلوا عن أرضنا

فلترحلوا عن فلسطيننا
عن حبيبتي .. عن حبيبتنا
عن قدسي .. عن عاصمتنا
فلترحلوا عن أرضنا

لا يَغُرَّنَّكُم صمتي .. صمتنا
فنحنُ نقاوم وهذا طبع شعبنا
سننزفُ دماً .. دمنا
ونزِفّ شهيداً شهيدينِ ثلاث .. نَزِفّ شهدائنا
ولن نهدأ إبداً لنستعيدَ وطننا

ولن ننسى أرضنا ..
لن ننسى أبداً ..

ليث طوالبه

الأربعاء، 29 أبريل 2015

رسالة للكادحين



للكادحين في كل العالم كل عام وأنتُم أحرار يا عمَّال الأرض , يا شرفاء الأرض وسبب رفعة الأمة , يا فخر الأمة ويا من بكم نرفع الرؤوس عالياً كل عام وأنتُم أقوى .

لضحايا الظلم والإستبداد والإضطهاد , لأصحاب الحقوق المسلوبة والأموال المنهوبة , لأصحاب القضية . لبناة الوطن كل عام وأنتُم أقوى .

كل عام وأنتُم أقوى لتصدوا الظلم بكل أشكاله , أقوى في وجه الفاسدين في وجه الظالمين في وجه الإقطاعيين في وجه المسؤولين وفي وظه الأنظمة الرأسمالية حليفة أمريكا والصهاينة .

أنتُم  العمود الفقري الفاعل في المجتمع تمتلكون ناصية القوة والبناء والتعمير فإفرحوا وثوروا في وجه من يسلبكم حقوقكم ولا تسكتوا أبداً هذهِ مناسبة لكُم ولتقدير أفعالكم التي دونها لما كانَ هنالك وطن .


أنتُم الوطن وأنتُم سبب وجودهم ورفعتهم فلا تدعوهم يضطهدوكم كلنا سواسية فلا طبقية ولا عنصرية .

كل عام ونحنُ الكادحين بألف خير . ولكل كادحين العالم كل عام وأنتُم أقوى وأسعد .


ليث طوالبه 

الجمعة، 24 أبريل 2015

عقدة الجسر

لطالما حلمتُ بزيارة ‫فلسطين‬ , أن أصلي في مساجدها وكنائسها وأستنشق من هوائها وأنتشي من رائحة أرضها .

علمتُ أن الطريقة الوحيدة لزيارتها هيَ عن طريق فيزا من السفارة الصهيونية, ففتحت موقعهم الإلكتروني لأقرأ بعض المعلومات والشروط الواجب توفرها في طالب تصريح الدخول .

عندها لفتَ إنتباهي بعض الأخبار الجانبية عن المقاومة والحركات الشعبية في فلسطين وصفهم بصفة الإرهاب ! والحديث عن "أراضي إسرائيل" - كما تم وصفها في الموقع - و "تاريخ إسرائيل" وغيرها الكثير الكثير .

وكأنَّ أحداً ما صفعني على وجهي ! 
ها أنا أبحث عن تصريح لدخول أرض من غير مالكها !
أطلب من مَن قتل أصحاب الأرض أن يسمح لي بالدخول إلى تلك الأرض !
فعرفت وأيقنتُ أني لن أزور فلسطين أبداً إلا بتحريرها من الصهاينة فأنا لن أخضع أبداً لسياساتهم ولن أكون مِن مَن يدعمون التطبيع معهم .

كانَ جسراً خشبياً يفصل ما بيننا , دون أي حواجز حدودية , دونَ تفتيش أو إحتلال !
إستبدلوه بآخرَ إسمنتي عله يصمد على حمل أوجاع وآلام مَن يعبر فوقه , ومن ضفة النهر الآخرى المُحتل يحمل بندقيته بتأهبٍ لإطلاق النار على أي شخص دون سابقِ إنذار.

" أهلا بكم في فلسطين المحررة " هذهِ الكلمة التي ستلاقيني عندما أزورك يا فلسطين وستنتهي عقدة الجسر وسأمضي حُراً بينَ الضفتين دونَ الحاجة لإبرازِ وثائقي الرسمية ودون أن أواجه ذلك المُحتل .

ليث طوالبه

الخميس، 16 أبريل 2015

قصة .. 3 - عمَّان

 عمَّان بِحُلوِها ومُرِّها ، بعراقتها وحداثتها ، بطرقاتها وأزقتها وبمعالمها القديمة والجديدة وبضجة المركبات وهدوء ليلها كلُّ ما في عمّّان يبعثُ في قلبي الراحة رغمَ قسوة الحياةِ وعندية القدر .

تبعثُ في روحي الدفء رغم برودة جوِّها ، وفي قلبي الحُب رُغمَ الغياب ، وفي ذاكرتي التفاصيل الصغيرة رغم المسافات ..
لطالما أحسستُ أنها أم تحتضنُ من فيها على صدرها الدافئ لتُشعِرُهُ بالأمان الذي قد يفتقده في إحدى لحظات الضعف .

في عَّمان كانَ الحُب وكانَ الفراق ، كانَ اللقاء وكانَ الوداع ، كانَ الفرح وكان الحُزن ، كانت البسمة وكانت الدمعة ، كانتَ ولا زالت عمَّان جزء من كياني وتكويني .

هنا عمَّان ، هُنا فردوس القلب هنا جنةٌ على الأرض بما تحمله من تفاصيل عشتُها تحتَ سمائها ، هُنا نَبضَ قلبي وهنا تعالت روحي إلى السماء . 

جنة أطفالي أرض عمَّان لإنها من هُنا مرَّت تلك المُسافرة خلف حدود اللامكان ، تلك التي أسميتُها مطري وثلجي ورعدي وبرقي وبَرَدي وبردي ودفئي وشمسي وقمري ونجمتي وسمائي وأرضي ونهري وبحري ونبضي وقلبي وجُرحي ووجعي وألمي وأملي .

أمشي في شوارع عمَّان القديمة وأعتصر في داخلي الكثير الكثير من الدمع ، الكثير من الحزن وإذ بعمَّان تُرسِلُ لي فتاةً باسمةَ الثغر النور يسطِعُ من مُحيَّاها فيعودُ النبضُ للقلبِ من بعدَ أن جفَّ القلبُ من الدمِ وتوقف عن النبض ، تلتقي عيناها بعيناي فترتَسِمُ إبتسامة عفوية على شفتاي وأنا أراقِبُ ثغرها الوردي وهوَ يرُد لي تلكَ الإبتسامة فتعودُ الروح لجسدي وأُكمِلُ طريقي بجرعةِ حياةٍ جديدة تكفيني لأعيشَ ليومينَ أخَرين فأترُكُ ورائي همومي وحوريَّة عمَّانية جميلة لن ألقاها مرَّةً أُخرى .


ليث طوالبه 

السبت، 28 فبراير 2015

إبن الرئيس والهاتف السحري

ولا زالَ خبر تعيين إبن رئيس وزرائنا الموقر سفيراً "فوقَ العادة" في سلطنة عُمان يرن في أذناي كلما شرعتُ بالبحث عن عمل بشهادتي الجامعية التي لا معنى لها ولا قيمة دون الواسطة والعشيرة . 

 يتحايلونَ علينا بكلمات لا معنى لها ولا قيمة عندما يقولون أن نسبة التعليم في الأردن من أعلى النسب في المنطقة ، لكن لا يتحدثونَ أبداً عن نسبة الوظائف لتلك النسبة من المتعلمين ؟ وكم منهم وجد عملاً دونَ أن يمسك أحد معارفه ذلك الهاتف السحري الذي يدخله الوظيفة السحرية دونَ مقابلات أو معاملات . 

لطالما حلمت بذلك الهاتف السحري ، لربما هوَ طريقي للمستقبل الذي ما عدتُ أراه، ولربما كانَ هوَ الحل لجميع مشاكلي التي أعاني منها من فقر وبطاله ! 

بمكالمة واحدة من ذلك الهاتف يأخذ عدم الكفؤ وظيفة وفرصة الكفؤ فقير الحال المتعسر مالياً والمتدمر نفسياً ! 

لربما استخدم الرئيس ذلك الهاتف السحري وكلم ناصر جودة وهو في بيته متكئ على أريكته وأجابه "ولا يهمك سيدي إعتبره فوق العادة " 
وإحنا تحت العادة ، فقراء كالعادة ، مشرشحين كالعادة  ، وماكلين هوا كالعادة في وطن أصبح كل شيء فيه تحت العادة إلا إبن الرئيس فهوُ سيبقى دائماً وأبداً فوق العادة .


ليث طوالبه

الأحد، 4 يناير 2015

قصة .. 2

" الشيء الوحيد الذي من المُمكن أن يطببَ جُرحَ أي قلبٍ هوَ الوقت "  , وها هيَ مرت سنوات وأنا لا أستطيعُ إنتشالَ بقاياكِ من ذاكرتي , عشَّشتِ كعصفورةٍ داخلَ قلبي , بنيتِ ممالككِ في ذاكرتي وذهبتِ مع ركب المسافرين لا الزمانُ يُسعفني ولا الأيام لنسيانك.

كيفَ للوقت أن يمحيكِ من ذاكرتي يا من كنتِ لي وطناً ألتجئُ إليه في لحظاتِ ضعفي , نقطة الأمان التي كنتُ أرتمي في أحضانها عندما يعاندني القدر.
تماماً كفيروز في الصباح أنتِ لا يُمكِن الإستغناء عنكِ مهما مرت السنين والأيام , فيروزي كُنتِ وكيفَ لعاشقٍ أن يَستلذ بطعم القهوة صباحاً دونَ أن يسمع صوتَ فيروز وكيفَ لَهُ أن يدخل في دوامات دخان سجائره دونَ فيروز ؟ أنتِ من أعمدة الصباح التي فقدتها فإنهارت صباحاتي محطمة لا طعمَ لها ولا لون.
كم كانت نبراتُ صوتِكِ الناعسة تُشفي غليلي صباحاً مع إشراقة كل شمس , وكم كانت كلماتُك الرقيقة التَعِبَة تُعطيني الحيوية والنشاط لأُكمِلَ يومي , كلماتُ الحب التي كنتي تسقيني بها كل صباح كانت كالماءِ والهواءِ لي كالدواءِ لقلبي وروحي.
وها هيَ صباحاتي فقيرة دونُكِ يا صغيرتي أستيقِظُ على صوتِ المُنبه المُزعج فتكونُ بداية يومي كئيبه جداً وناقصة وخجولة. 

الجمعة، 2 يناير 2015

قصة .. 1

أعرفُ تماماً بما يجولُ بمخيلتكِ الآن , أعرفُ أنَّكِ تجلسينَ وحيدةً خلفَ باب غرفتكِ تفكرينَ بخذلاني لَكِ ولقصة حبنا التي كانت تفاصيلها أجمل من تفاصيل فستان فرحٍ كان حلمُكِ أن ترتديه بجانبي.
ما زلتُ أذكرُ تفاصيلَ ذلك الفرح الذي كنا قد رسمناه في مخيلتنا من قائمة المدعوين ولون الأزهار وحتى الموسيقى, وأذكرُ أنه كان هنالكَ نقاش يحتد كلما فتحنا موضوعَ مكان إقامة ذلك الفرح , أنتِ أردته في عمان وأنا كنت أُصر على إقامته في إربد وكلٌ منا كانَ لهُ أسبابه الخاصة.
عبدالله, ملك , ملاك .. ليست مُجرد أسماء هيَ أطفالٌ كنا قد تعايشنا معهم يلعبون حولنا وبكائهم يملأ المكان , حتى أنني تماديت بتلك الفكرة التي كا زالت تطاردني وأذكر إني خلال سفري إلى دمشق قد إبتعتُ "بيجامة" لطفلتنا ملك وجعلتُكِ تحتفظينَ بها ليومٍ سيجمعنا سويةً.
تأتي فكرة في بالي أحياناً بمصير هؤلاء الأطفال الذينَ يتيتمونَ عند إنتهاء أي قصة حب ! ما مصيرُهُم وكيفَ ترانا نُكمِلُ الحياة دونهم وإلى أينَ هُو سيذهبون ؟ حتى أني فكرت بإنشاء موقع إلكتروني يحوي أسماء هؤلاء الأطفال الميتمين , فهُم الشاهد الوحيد على أي قصة حُبٍّ كانت .
 لم أتخيل بيومٍ من الأيام أن هنالكَ نهاية لقصتنا ولا أن هنالكَ مستقبلٌ مظلم سينتظرنا معاً.

****

أنوثتكِ صاخبة , لطالما بحتُ لكِ بهذا الإحساس الذي كانَ يعتليني في كلِ مرةٍ ألقاكِ فيها , إبتسامَتُكِ كانت تهز عرش رجولتي , وضحكتُكِ جميلة حد القتل.
همساتُكِ ليلاً على الهاتف كانت كالإعصار الذي يضرب جبال مشاعري , أصواتُ أنفاسكِ عندما تقعين بفخ النعاس ونحنُ في وسط الحديث تماماً كأنفاس طفلٍ يلتجئُ إلى حضنِ أبويه في ليالي ديسمبر الباردة.
تخيلتُكِ دائماً كقطة حائفة تتمسك بي بمخالبها وصوتُ أنفاسك يتعالى مع صوت المطر الذي يضرب بقوة زجاج النافذة التي إعتلاها الندى ونسيجُ حروفٍ خططناها معاً.
حزنُكِ هوَ الذي كانَ يبعثرني ويجعلني كالأطفالِ أبكي لإرضائك , فكيفَ أرى طفلتي المدللة حزينة بسببي , تكونينَ ودموعُكِ على خدك كياسمينةٍ منتشيةٍ بالندى صباحاً .

****

لا زلتُ أذكرُ أول لقاءٍ بيننا وكيفَ ضجَّ قلبي عندَ رؤياكِ , وكيفَ ركضتِ كطفلةٍ خائفة مني تبحثُ عن حضنِ أٌمها فرحتُ أسابقُ الزمن وضجيج خفقان قلبي وخطواتك السريعة لألحق بكِ علي أسترقُ إبتسامة خاطفة منكِ ,لكنَّ ملالمح الخوف والرهبة هيَ التي سيطرت على تفاصيل وجهك.
لم أعترف لكِ بهذا من قبل لكني أنا أيضاً كُنتُ خائفاً , ليسَ منكِ بل خوفاً من أن لا أُعجبَكِ فأنثى صاخبة الأنوثة كأنتِ كانت من أحلامي.
حاولتُ أن أزيلَ بعضاً من الخوف الذي يعتريني برسمِ إبتساماتٍ مصطنعة علَّكِ أنتِ تبتسمين , رفضتِ الجلوس في إحدى المقاهي في ذلك المكان وأستمريتِ بالمسير وأنا أسيرُ بمحاذاتِك أُعيدُ الكلمة مراراً وتكراراً في داخلي قبلَ أن أبوح بها لَكِ.
كانَ لقاءاً قصيراً جداً لم تلتقي فيهِ عينيَّ بعينيكِ إلا لثوانٍ معدودة لكنّهُ إلى الآن أجملُ لقاءٍ مررتُ بهِ بحياتي , لم أرى خافقي يتلعثمُ من قبل ولا الكلمات تأبى أن تغادرني من قبل , لم أعرف أبداً أن هنالكِ أنثى ستهز كياني بأمواج أنوثتها التي غصتُ تحتها بملئِ إرادتي .

****

لربما كانَ عدم إختلاطي مع الجنس الآخر هوَ ما دفعني للجوء لعالم الإنترنت وقتها , فلم تكن لي علاقاتٌ تُذكَر مع الجنس الآخر إلا قصة واحدة ولم يكن اللقاء فيها وجهاً لوجه بل صدفة غريبة عن طريق الهاتف.
وجدت بعالم الانترنت مكاناً أحادثُ فيه من أُريد دونَما خجل أو ضعف , كنتُ أرسمُ شخصيتي كما أريد , لا أحد يرى إنفعالاتي أن تعابير وجهي أو تعرقي خجلاً عندَ الحديثِ مع إحدى الفتيات , كانَ عالمي المناسب وقتها , لم أعلم أن ذلك العالم سيدخلني في دواماته التي ستغرقني فيها دونَ رحمة , لكني للآن أشكر الإنترنت مراراً وتكراراً على أنه كانَ الطريق لأعظم قصةِ حُبٍّ في حياتي.


للحديث بقية ..